التظاهرات السورية من المساجد ... كل جمعة ليس تحرك دينيا ولا طائفيا ..
انطلقت أول تظاهرة في سورية من الجامع الأموي بدمشق, وانطلقت مظاهرات درعا من الجامع العمري, وفي حمص من جامع خالد بن الوليد وفي القامشلي من جامع قاسمو، كما ظل الجامع مركزاً للتجمع ولانطلاق التظاهرات كلها تقريباً, وحتى في أيام غير الجمع كان الناس يتجمعون في الجوامع وينطلقون بعد صلاة الظهر, أو العصر أو العشاء. فهل يمكننا وصف التحرك الشعبي السوري بأنه تحرك ديني أو طائفي ؟
كما هو معلوم فقد تم اختطاف المساجد من قبلالطواغيت في كثير من الدول العربية ، فلم تعد المساجد كما قال تعالى {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا{بل تحولت إلى منابر إعلامية تدعو للطاغوت وتسبح بحمده وتثني عليه في كل خطبة جمعة {والذين اتخذوا مسجدا أضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وأرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل.. لا تقم فيه أبدا{! إن المساجد علىثلاثة أقسام: مسجد تقوى كما في قوله تعالى{لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أنتقوم فيه ، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} وهذا أفضل المساجد، بل ولايتصور قيام الطاغوت فضلا عن استمراره، حين تقوم مساجد التقوى بدورها في الدعوة إلىالحق والعدل والقسط والطهر..الخ ومساجد ضرار وهيالتي تدعو إلى حرب الله باسم الله، وإلى حرب الإسلام باسم الإسلام، وإلى طاعةالطاغوت وتحريم التصدي له باسم القرآن والسنة..الخ....................................... ..................... ومساجد عامة تقتصر على العبادة والذكر، وهي خير من مساجد الضرار،وربما تبقى حيادها أهم أسباب نجاح انطلاق الثورات منها نظرا لعدم تولي منابرها دعاة الطاغوتوخطباء الضلالة ومشايخ الفتنة الذين يضلون الأمة ويغوونها لتظل تحت حكم الطاغوتوسطوته، وكما في الحديث(أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)! فالمساجد كان دورها كأماكن تجمع وبرمجة ونقطة انطلاق. لقد أصبحت المساجد في هذه الأيام تحمل دوراً جديداً, وهو دور سياسي. لا بفضل كونها أماكن عبادة فحسب, بل يضاف إلى ذلك دورها كمباني عامة. فالسلطة في سورية لم تمنح الجماهير أية مباني عامة يمكنهم التجمع فيها. وكل المباني العامة, ملاعب وصالات وغيرها.. هي ملك للسلطة ومحروسة من قبل السلطة. حتى المسجد ظل يدار طوال العقود الماضية من السلطة, وشيخه موظف عند السلطة, وخطبته يأخذ نصها من رجل الأمن. فما عليه إلا أن يقرأ الكلمات التي كتبها رجال الأمن.
ومن الحقائق التي يجبتدبرها أن الثورة كالعاصفة لا يستطيع أحد التنبؤ بوقت حدوثها، ولا بوقت هدوئها، ولابنتائجها، فقد خرجت مظاهرات عفوية غضبا وسخطا على الأوضاع المعيشية،واستنكارا للظلم ، والاضطهاد الأمني ، والفساد السائدة في البلاد ! في تظاهرات الاحتجاج التي شاهدتها سورية لم نلاحظ أبدا أي وجود لشعارات دينية متطرفة, ولا شعارات دينية متشددة. ولا شعارات فئوية. بل إن التظاهرات لم تقال فيها عبارات ذات مرجعية دينية. كل التظاهرات رفعت شعارات من نوع لا طائفية ولا تمييز ولا نعرات قومية... كل التظاهرات قالت (سني وعلوي واحد), (مسلم \ مسيحي واحد).. (عربي وكردي واحد)..(( حرية ، حرية )) شعارات عبرة عن حقائق ترسم الاختلاف الفسيفسائي التي يوصف الشعب السوري بكل أطيافه وألوانه بأنه مؤمن متدين. يجمعهم اتفاق ضمني موحد يجمع بينهم وهو اتفاق على الإيمان الضمني. هذا الإيمان نجده بالتأكيد عند الجميع, مسلمين ومسيحيين, سنة وشيعة وموحدين دروز, وإسماعيليين وعلويين. وبالطبع نجده عند العرب والأكراد والشركس والآشور والكلدان. التي تزين بها سوريا والتي عبرة عن أخلاق الشعب السوري.. لقد طرحت شرائح من المجتمع السوري شعاراتها فعلاً, وهي وحدة شعبية تقوم على مبدأ الحب والتعاون. ومبدأ نصرة المستضعف, واستنكار الظلم, فمثلاً قامت مظاهرات في مدن عديدة تنادي بنصرة درعا, التي انتكبت, وفقدت عدد كبير من الشهداء. تألم السوريين لأجل درعا. وانطلقوا ينصرون درعا وأهلها. وفي محافظة درعا شارك المسيحيون من الحوا رنة في تظاهرات الاحتجاج على أعمال القتل. وطالبوا بالحرية. ولم يحرج الانتماء الديني المسيحي هؤلاء حين انطلقوا نحو المساجد للمشاركة في التظاهرات. في السويداء ينتمي أغلب السكان إلى مذهب التوحيد.( هؤلاء يطلق عليهم اسم الدروز) وقد انطلقت مظاهراتهم في يوم 17 نيسان. رغم أن المتحدثة باسمهم السيدة منتهى الأطرش نادت جميع السوريين وطالبتهم برفض الظلم وطلب الحرية منذ اليوم الأول للتظاهرات... في درعا وحلب نسبة كبيرة من الشيعة. وقد شارك قسم من هؤلاء الشيعة في التظاهرات. ما يعني أن الحركة السياسية التي تشتعل اليوم في سورية ليست حركة سنية. كما أن مشاركة الأكراد فيها أعطاها وأبعد عنها صفة العروبية الخالصة. وهذا التنوع من المشاركات تؤكد بأن هذا التحرك السياسي ليس دينيا, ولا هو طائفي...... فسورية لكل السوريين . هذا النسق الثابت للمجتمع السوري, يحافظ على كيان هذا المجتمع ويدعمه بركائز ثابتة, ومن معطياتها مثلاً أنها تمنع تولد الطائفية والحرب الأهلية. هذا النسق السوري فرض على سلطة حافظ الأسد أن تعترف بها, وتحاول الاستناد عليها. فقد أنشأ نظام حافظ الأسد معاهد دينية إسلامية ومعاهد تحفيظ القرآن. وأصبح للسلطة متكلمين باسمها ومدافعين عنها, هم من المشايخ المسلمين. هذا النسق الاجتماعي السوري المحافظ على ركيزة الإيمان ليس مسيساً في الأصل. لكن السلطة حاولت تسييسه, وجعله يخدم مصالحها. وكانت السلطة تريد من ذلك أن تجعل كل السوريين تابعين بالفطرة وبالموروث وبالمبدأ الديني للسلطة ومؤيدين لها. وقد حدث هذا فعلاً عند شريحة كبيرة من الجمهور السوري. في وقت كان مستمراً وكان هؤلاء الناس فيه لايرون أبداً أية حاجة أو ضرورة لمخالفة أي مبدأ تفرضه السلطة. أي أن سياسة فرض السلطة كجزء من الموروث الثقافي والديني أصبح حقيقة في سورية. فالرواية الحكومية السورية التي تزعم بوجود مندسين بين الشعب من الحركات والطوائف والقوميات التي تسعى إلى التخريب ونشر النعرات الدينية والطائفية ليس لها أي واقع من الصحة .. نظرا لكون : الأخوان المسلمون قليلون جداً في سورية. وعددهم لا يتجاوز الألف ربما ، وقيادتها مهجرة على الأغلب وقواعدها متفرقة وغير متهيئة للقيام بهذا الدور أما تنظيم القاعدة فيعتبر شبه معدوم في سورية. ومن الجائز أن يكون بضعة أفراد من السوريين قد انتموا إلى تنظيم القاعدة. لكن لا يوجد له أي تواجد على الأرض بين الشعب السوري . الحركة السلفية في سورية ضعيفة للغاية. وهي ليست على نمط الحركات السلفية في السعودية واليمن والأردن, ولا يمارسون أي دور سياسي واضح والسلفية السورية مشتتة وموزعة, وليست منظمة. لذلك فهم غير قادرين على التجمع أو التظاهر. فالرواية الحكومية السورية التي زعمت بأن الاعتصام في ساحة التحرير في حمص هو اعتصام سلفي, عاري عن الصحة . الطرق الصوفية منتشرة في سورية ومراقبة من قبل السلطة, بل وظلت هذه السلطة تحشر عناصرها داخل التشكيلات الصوفية, وتفرض شيخ الطريقة فرضاً, فتختار الرجل المطيع للسلطة. مشايخ السلطة, هؤلاء هم الأكثرية في سورية, فمنذ الثمانينات أمسكت السلطة بالمؤسسة الدينية السنية, وصنعت مشايخ جدد مرتبطين بالمؤسسة الحاكمة, وهؤلاء يخطبون في الجوامع ويوجهون المصلين بحسب الأوامر والمنهج الذي تفرضه السلطة. بل ومن الأدوار الموكلة إلى هؤلاء المشايخ أن يمارسون دور الشرطي والرجل الأمني, الذي يمنع انتشار أية أفكار تطويرية أو تحررية.
وخير دليل هو البيان الصادر في 19 من نيسان عن علماء سورية التابعين للسلطة, بيانا يردون فيه على البيان الذي أصدرته رابطة علماء المسلمين العالمية, في الدوحة. ما يعني أن مشايخ السلطة في سورية يفصلون أنفسهم عن أية مؤسسة إسلامية عالمية لا تناصر السلطة في سورية الشعب يريد التغير في سورية هذا التغير الفعلي الذي يعمل عليه لان الشعب عاش حقبةنصف قرن من خلال قوانين فرضت عليه دون استشارته، فالشعب العربي والسوري انتظر فترةطويلة للتغير، فعواصف التغير التي مرت على العالم بعد سقوط الحرب الباردة وتحطمجدار برلين لم تنعم بها الشعوب العربية كلها والشعب السوري جزاء منها ،لقد انتظرالشعب السوري رياح التغير طوال 20 عاما ،لكن اليوم وصلت رياح الثورة إلى ثورة ربيعسورية. هذا المسيرات "سلمية وليست سلفية،وتكفيرية، ولا اخوانية، ولا طائفية الشعب السوري واحد ، الشعبيريد الحرية والديمقراطية، و العملالجاد لتأسيس دولة سوريا القادمة المبنية على الحرية والعدالة، ولان مطلب العدالةالاجتماعية والحرية هما الشعارات الأساسية التي رفعت في كل الثورات الأخرى،" ربيعلبنان في ثورة 2005،مصر وتونس واليمن وليبيا واليوم في سورية ". لقد وضحت مواقف المسيحيين السوريين تقريباً, كما وضحت مواقف السنة والموحدين الدروز, وكذلك, فقد ساند الأكراد بكل أطيافهم هذه المطالب الإصلاحية. لكن هناك فريق مستفيد من بقاء النظام على حاله. وهؤلاء يرفضون حتى الإصلاحات التي تقوم بها السلطة الحالية, لأن أي إصلاح في البلاد سوف يقضي على مصالحهم المالية و المعيشية ، ويرى كل السوريين أن تطور سورية وتحقيق الحريات, وتغير وعمل إصلاحات حقيقية , أمور لن تؤذي أحد من أبناء سورية, لكنها تؤذي فعلاً الأشخاص الفاسدين. والمستغلين, وهذه الثورة الشعبية هي موجهة ضد هؤلاء الذين يستغلون الحالة السورية وفي الختام نؤكد وبكل ثقة أنه ليس في كل ما يحدث في سورية اليوم أي أثر للعامل الديني الإسلامي على الإطلاق. إن هؤلاء الذين يجتمعون في الجوامع وينطلقون للتظاهر, ينتمون إلى كل المشارب الاجتماعية, منهم المتدين والعلماني والمتسيب الحشاش والسكير. ومنهم التاجر والبطال والغني والفقير. ومتهم المثقف رفيع المستوى, والعامي الأمي. يجمعهم شيء واحد هو أنهم مواطنون سوريون.
مقال لـ لآوين إبراهيم - إعلامي Lawen69@hotmail.com
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ التظاهرات السورية من المساجد ... كل جمعة ليس تحرك دينيا ولا طائفيا .. ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
الرئيسية 
الخميس نوفمبر 22, 2018 2:28 pm
موضوع: التظاهرات السورية من المساجد ... كل جمعة ليس تحرك دينيا ولا طائفيا .. 
الثلاثاء يونيو 21, 2011 1:35 pm
