يأتي هذا المقال في نطاق ما يسمى ب"الهجوم أحسن وسيلة للدفاع"
لقد تكلمت فيما سبق عن "المتسننة" أي الذين يعتبرون أنفسهم متبعين للسنة وهم بعيدون عنها، فقد تكلمنا عن السنة الحقيقية وأثبتنا أنهم متبعين للرواية لا غير. والآن أتكلم عن المتمسلفين أي الذين يعتبرون أنفسهم متبعين للسلف الصالح، أو بشكل آخر يدعون ذلك، لأن السلف الصالح بكل ما تحمل الكلمة من معنى لم يفعلوا ولم يتصرفوا كما يفعل هؤلاء الذين سوف تعرفونهم بصفات نذكرها فيما بعد.
وقبل الاسترسال فيه، أنبه القراء الذين سيصنفون أنفسهم مسبقا في خانة هؤلاء بمجرد قراءة العنوان، ألا يتسرعوا في ذلك حتى يقرؤوا المقال فإن انطبق عليهم محتواه فهم المقصودون بالكلام وأدعوهم لمراجعة أفكارهم، وإن لم ينطبق، فهم بعيدون عن هذا التصنيف وليسوا منهم.
كما أنني لا أرمي من وراء المقال الانتصار لجهة معينة أو مذهب أو تيار معين، فالكل خاضع للنقد، ومنهم عبد ربه المتواضع.
ويأتي المقال كذلك في وقت يحاول فيه أناس يدعون أنهم سلفيون أو متبعون للسلف الصالح باحتكار صفة هم بعيدون عنها تماما، ولكنهم محتاجون لهذه الصفة للدفاع عن أفكارهم الاستئصالية البعيدة عن روح الإسلام الحقيقي، لكي يعطوا لكلامهم المنتهي الصلاحية مصداقية منعدمة في الأصل.
يأتي المقال قي وقت يجب فيه تنبيه الناس عامة من هؤلاء الذين يحاولون تكريس مفهوم الغلو والشطط اللذان حذر منهما الإسلام، ونشر فكر التقليد والاتباع المذموم الذي نهى عنه تعالى في مواضع عديدة. إنهم يفعلون ذلك غير مبالين (ولذلك أعتبرهم مغررين بهم) متوهمين أن ذلك هو الإسلام الحق وما هو بحق.
قد يكون مقالي هذا قاسيا أو فضاً بعض الشيء، ولكن الشدة مطلوبة لكي يستيقظ الناس من غفلتهم ويتوجهون إلى المسار السليم ويلتمسون الصراط السوي.
لقد سمانا الله مسلمين ولا يحق لنا أ نتسمى بغير ذلك. ولكن بعض المسلمين هداهم الله، اختاروا أن يسموا أنفسهم بأسماء لم ينزل الله بها سلطانا، فهناك من اختار "الشيعة" وهناك من اختار "السنة" وهناك من اختار "الأشاعرة" و...... هناك من اختار "السلفية" وهكذا.....
كيف تعرف المتمسلفين أو أدعياء السلفية ؟؟
إن هؤلاء المتمسلفين يتصفون أولا بصفات ذميمة هاكم بعضها :
1. العُجب والغرور: فإنهم معجبون بأنفسهم جدًّا، وخصوصا الطبقة المنظرة أي التي تقوم بالدعوة أو الذي يستقطبون الأتباع. ويازداد هذا العُجب بكثرة الأتباع من الشباب الغـر، وإن كانوا يُظهرون فى تصاريحهم خلاف ذلك، مثل أن يقول قائلهم: (ما أنا إلا طويلب علم)..
2. المراوغة: فهم أحسن من يتلاعب بالألفاظ ويراوغ بها.
3. سوء الأدب: فهم متطاولون، سبابون شتامون، إلا أنَّ سبهم وشتمهم في غالب الأحيان متوارٍ ومختفٍ خلف تعابير لغوية مختارة بعناية (وهنا أتكلم عن الطبقة الخاصة التي ذكرتها أعلاه) أما العامة منهم فسوء أدبهم واضح.
لقد خلط هؤلاء ،وأتكلم عن الطبقة السابقة، باب الوعظ والقصص والحكايات والافتراضات بالعلم، فوقعت الجناية أيضًا على قطاع عريض من الشباب المغرر بهم الذين يحبونهم ويعظمونهم، ومن ثَمَّ فإنهم مبهورون بما يتلقونه منهم، ولما كان هؤلاء الشباب لا عهد لهم بالعلم، ولا بصر لهم بطرق استخراج الأحكام، وليس معهم ما يفرقون به بين ما من أصله أن يكون علمًا، وما من أصله أن يكون وعظًا، ظنوا أن هذا هو العلم بتمامه. وهنا تكمن مشكلة هؤلاء الذين لا يريدون الاعتراف بها أو التماس الخطأ في ما يتلقونه.
إن طريقتهم فى التعلم والتعليم طريقة سقيمة، مفادها: (اعتقد.. ثم استدل)، وقد أشرت فيما مرة عن هذه المغالطة التي يرتكبونها بشكل مشستمر فأصبحت هي القاعدة لديهم.
فإذا أراد أن يعمل أحدهم فى مسألة ما، فإن ترتيبها لديه يكون هكذا:
(1) اعتقاد الحكم فيها مسبقًا.
(2) حشد الاستدلالات- وليس الأدلة- لما اعتقده من حكم فيها.
(3) حشد أقوال الأئمة الموافقة لاعتقاده فى حكم المسألة.
(4) عدم اعتبار ما عدا ذلك، ومن ثَمَّ كتمه وعدم إظهاره.
(5) التلبيس على الناس بأن هذا هو القول الفصل، والحكم الشرعى فى المسألة، ولا قول بعده.
المراد من كل ما قلنا يتلخص فيما يلي :
العجيب أن المتمسلفين وأدعياء السلفية قد خالفوا هدى السلف "الصالح" رضى الله تعالى عنهم. بل إنهم قد خالفوا هدى النبى صلى الله عليه وسلم نفسه. فهؤلاء يعتبرون الناس يمسون ويصبحون فى جهل وضلال، ولابد من أن نأخذ بأيديهم لنخرجهم من الظلمات إلى النور.. ويملاون الدنيا صياحًا بوجوب اتباع السنن واجتناب البدع، مقلدين بعض السلف الذين يتبنون نفس الفكرة، ظانين أن ذلك هو إسلام السلف كله.
في الختام أقول : إنه من حقنا وحق الجميع أن يقول رأيه فى قاله السلف والأسلاف مهما كانت درجة علمهم، فنحن أيضًا لا نغمطهم حقهم ولا ننقصهم قدرهم، بل إننا كذلك نشعر نحوهم بالحب والتقدير، ولكن هذا لا يجعلنا نقلدهم ، ولسنا مجبرين أن نتبع منهجهم.
إن الحب والتقدير شىء، والتقديس والاتباع والتقليد شىء آخر.
ولا نجد خيرا من كلام الله تعالى في هذا المقام حيث قال :
الرئيسية 
الخميس نوفمبر 22, 2018 2:28 pm
موضوع: كيف تعرف المتمسلفين أو أدعياء السلفية ؟؟ 
الثلاثاء مايو 24, 2011 2:32 pm
