لا يزال المعدن الأصفر مستمرا في الارتفاع مسببا الكثير من الحيرة للعديد من المتعاملين بل والخبراء أيضا. ولكننا كنا قد تحدثنا عن الذهب منذ فترة بعيدة في أحد تقاريرنا والذي أشرنا فيه إلى أن استمرار ارتفاع الذهب يبدو مفيدا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد في احتياطياتها على 70% من الذهب.

هذا بالإضافة إلى أن الكثير من المتعاملين يتوجهون لشراء الذهب كنوع من الأصول الآمنة التي تحتفظ بالقيمة طوال الوقت دون وجود تذبذبات حادة في أسعاره. ومع وجود توترات اقتصادية بل وسياسية حول العالم فإن الذهب سيظل محط أنظار الجميع الفترة المقبلة.

ولكن قد يسألني شخص كيف استمر الذهب في الارتفاع رغم وجود الكثير من التوقعات سواء من المتعاملين أو من الخبراء بأنه لن يتجاوز القمة السابقة عند 1800 دولار ويذهب إلى أسعاره الحالية عند 1860 دولار؟ وكيف كنت أتوقع أنا في تقاريري السابقة إلى أنه من الممكن أن نرى استمرارا في ارتفاع الذهب بل واتجاه بعض الدول إلى شراء الذهب وزيادة رصيده في حجم الاحتياطي النقدي لديها.

وفي الحقيقة فإن الأمر له الكثير من الأبعاد بالنسبة لي.

فارتفاع الذهب له العديد من العوامل المؤثرة فيه وهي كالتالي:

1- معدلات المخاطرة في السوق وهي مرتفعة بسبب أزمات الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو.

2- أداء أسواق الأسهم السلبي والتهافت على شراء السندات وذلك أيضا يؤدي إلى ارتفاع نسبة المخاطرة في السوق وبالتالي ارتفاع الذهب.

3- العلاقة ما بين الدورة الاقتصادية والأسواق الثلاثة (السندات - الأسهم - السلع وخاصة الذهب).

فمن المعروف أنه هناك علاقة ما بين الثلاثة أسواق وفي الغالب فإن الثلاثة أسواق تسير في نفس الاتجاه معظم الوقت ولا يحدث اختلاف في تكوين القمم والقيعان طويلة الأجل الخاصة بهم إلا عند وصول الوضع الاقتصادي بشكل عام إلى منطقة فارقة قد تؤدي إلى تغييره.

بمعنى أنه طالما أن الاقتصاد ينمو ومستمر في النمو فإننا سوف نجد أن عوائد السندات وأسعار الأسهم وأسعار السلع سوف تستمر في الارتفاع بالتزامن مع بعضها البعض وذلك بسبب اتجاه الناس للاستثمار في كل صوره.

ونفس الوضع في حالة أن الاقتصاد ينكمش بصورة متواصلة فإننا سوف نجد أن عوائد السندات تنخفض وأسعار الأسهم وأسعار السلع أيضا في حالة انخفاض بالتزامن مع بعضها البعض وذلك بسبب اتجاه الناس للاحتفاظ بالكاش (الأموال السائلة).

أما في حالات تغيير الوضع من اقتصاد ينمو إلى اقتصاد ينكمش (عند قمة الاقتصاد ) أو عند قاع الاقتصاد (تحول الاقتصاد من حالة الانكماش إلى حالة النمو) فإنه خلال تلك الفترة يحدث ذلك الاختلاف ما بين أداء الأسواق الثلاثة.

فتكون السندات هي الأولى في تغيير اتجاهها وتستمر الأسهم والسلع في نفس الاتجاه السابق.

ثم تعقبها الأسهم في تغيير اتجاهها فتسير بنفس اتجاه عوائد السندات وتستمر السلع في الاتجاه المعاكس.

ثم بعد فترة تعكس السلع أيضا اتجاهها وتبدأ الثلاثة أسواق يسيرون مع بعضهم البعض.

هذا ما ذكره المحلل الفني الكبير "مارتن برينج" في كتابه Technical analysis explained.

ولهذا السبب كنت أتوقع استمرار ارتفاع الذهب حتى مع انخفاض الأسهم. وفي الحقيقة فإن الفارق الزمني ما بين قمة كل سوق وأخر قد تصل إلى ثلاثة أشهر. وبما أن قمة الأسهم قد تكونت منذ ما يقرب من الشهر تقريبا. فإننا قد نرى شهرا أخرا في ارتفاع الذهب.

ولكن خلاصة القول مما سبق هو أن الذهب سيستمر في الارتفاع وفي حالة استمرار عوائد السندات والأسهم في الانخفاض بهذا الشكل المستمر. فإن ذلك سوف يحقق السيناريو الذي نقصده بالعلاقة ما بين الأسواق الثلاثة وأن ذلك الارتفاع الذي يسجله الذهب قد ينتهي بعد شهر من الآن.

مقدم برعاية شركة

HDFX Market

لادارة الحسابات والتوصيات